شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
من ادعى من الغلاة رؤية الله تعالى في صورة إنسان
...............................................................................
وأما ما يدعي هؤلاء المتصوفة الغلاة من أنهم يرون ربهم في الدنيا, فإن هذا من أكاذيبهم, حتى ذكر أنهم يتخيلون أنهم رأوا ربهم في صورة إنسان, أو في هيكل ذلك الإنسان, يدعون أن الله تمثل في صورة هذا الأمرد, أو في صورة هذه المرأة, أو في صورة هذا الإنسان ضلال.
ولا شك أن هذا إذا اعتقدوه فإنه كفر, يعني: اعتقدوا أن الله تمثل في صورة إنسان، تعالى الله عن قولهم, فليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وهو سبحانه وصف نفسه بأنه فوق خلقه بأنه فوق عباده, فكيف يجعلونه متصلا بخلقه ؟! هذا بلا شك إثم كبير, وذنب عظيم.
وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنهم لن يروا ربهم إلا في الآخرة, لما ذكر الدجال, قال: رسم> واعلموا أنه لن يرى ربه أحد منكم حتى يموت متن_ح> رسم> لن يرى ربه حتى يموت, يعني: أي: في الآخرة، فأما في الدنيا فلا, وكأنه يقول: لا تنخدعوا بالدجال الذي يقول أنه هو الله, اعرفوا أولا: أنه أعور, والله تعالى منزه عن ذلك؛ لأن هذه صفة نقص, واعلموا ثانيا: أن الله تعالى .. لأحد من خلقه, فإنه لا يتبدى لأحد في الدنيا, رسم> لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت متن_ح> رسم> وبسبب ذلك خاف على أمته من أنهم ينخدعون بالدجال؛ لأنه يظهر على يديه خوارق, يظهر على يديه آيات لا تصدر من البشر, فتنة يعني .......... ومع ذلك لا يزيده إلا تبصرا, وكونه يأتي إلى الخربة ........ فيها فتتبعه كأعاسيب النحل, وكون يمر على قوم فيعصونه فيصبحون ممحلين, يعني: تصيبهم مصيبة أو قحط, والذين يتبعونه ينعمون هذا من باب الفتن, يخشى أنه يفتتن به خلق، كما افتتنوا بفرعون اسم> فإن فرعون اسم> قال: أنا ربكم الأعلى. وصدقه الناس صدقه قومه، قال تعالى: رسم> فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ قرآن> رسم> .
وكذلك الذي الذي .. إبراهيم اسم> الذي ذكره الله في قوله تعالى: رسم> أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قرآن> رسم> هذا أيضا ادعى الألوهية, وهو النمرود اسم> يدعي أنه الله, ومع ذلك أطاعه وافتتن به خلق.
فالحاصل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن الله تعالى لا يرى في الدنيا, وإنما يرى في الآخرة, فهذا دليل على أن هؤلاء المتصوفة والغلاة أنهم كذبة, يوهمون على أتباعهم أن الولي له منزلة رفيعة, وأنه يتجلى له الرب, وأنه رأى ربه في ليلة كذا وكذا, وأنه رأى الله في كذا وكذا, ومع ذلك يصدقهم بعض الجهلة, ويقولون: هؤلاء لهم مكانة, ولهم رفعة, وهم أولياء وهم أصفياء اصطفاهم الله, ورفع من مكانتهم وأعزهم, فينخدع بهم الخلق.
مسألة>